قوانين مدرسية لمكافحة سمنة الطلاب في الولايات المتحدة الأمريكية

يعاني واحد من كل خمسة من الطلاب في المرحلة الابتدائية في الولايات المتحدة الأمريكية من السمنة، وأظهرت الدراسات أن مشكلة زيادة الوزن لدى الطلاب تضاعفت ثلاث مرات خلال العقود الثلاثة الأخيرة.

وكانت أصابع الاتهام قد بدأت تشير إلى آلات بيع الطعام في المدارس ودورها في نشر وباء السمنة بين الطلاب، فقررت بعض المدارس منع هذه الآلات تماما، بينما قرر بعضها الآخر الإبقاء عليها مع تغيير في نوعية الطعام المعروض بحيث يشمل خيارات ترتفع قيمتها الغذائية ويقل محتواها من السعرات الحرارية والدهون.

وزاد الجدل استعارًا حول الوجبات السريعة في المدارس الأمريكية، بعد أن دعّم دعاة حظر الوجبات السريعة في المناطق التعليمية رأيهم بدراسة حديثة تظهر أن القوانين المقيدة لتناول الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية والقيمة الغذائية المنخفضة يمكن أن تسهم في خفض معدلات السمنة لدى الطلاب.

وتشير الدراسة التي نشرت أخيرًا إلى أن القيود المفروضة على المواد الغذائية والمشروبات في المدارس الحكومية قد تسهم بصورة جدية في تحسين الصحة العامة لطلاب المدارس.

وباء السمنة

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» أن الدراسة التي نشرت حديثًا في صحيفة « طب الأطفال» وجدت ارتباطًا شديدًا بين القوانين المقيدة للوجبات السريعة التي تباع عن طريق آلات البيع في المدارس ومعدل السمنة عند الطلاب.

الدراسة شملت 63000 طالب واستمرت مدة ثلاث سنوات، ووجد الباحثون فيها أن النتائج الإيجابية بين الطلاب لا تزال صغيرة نسبيًا، ولكن تشير الدلائل إلى أن مبادئ توجيهية أكثر صرامة بشأن الغذاء المقدم في المدارس قد يحد فعلاً من وباء السمنة المتفشي حاليا لدى الشباب في الولايات المتحدة.

تمت الدراسة على الطلاب من الصف الخامس حتى الصف الثامن وغطت أربعين ولاية وضمنت التمثيل الدقيق للطلاب. وتمت مقارنة تغيرات الوزن بين الطلاب في الولايات التي لديها قوانين ضد الوجبات السريعة والمشروبات السكرية في آلات البيع المدرسية، وتلك التي لم تطبق تلك القوانين.

وصنفت الدراسة أيضًا القوانين التي تحكم اختيارات الطعام في المدارس إلى قوانين قوية وهي تلك التي تمنع تماما بيع الوجبات السريعة والمشروبات السكرية، بينما اكتفت القوانين الضعيفة فقط بعرض توصيات غذائية دون أي شروط صارمة وعاجلة.

نتائج الدراسة

وفقًا لتقرير في سي بي إس نيوز، كانت زيادة الوزن أقل لدى الطلاب الذين يعيشون في ولايات لديها قوانين قوية ضد الوجبات السريعة في المدارس خلال فترة الثلاث سنوات مقارنة بأولئك الذين لم يكن لديهم قوانين مماثلة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الطلاب الذين كانوا يعتبرون من زائدي الوزن أو سمانا في بداية الدراسة نالوا فرصة أكبر لتحقيق وزن صحي ضمن إطار مدة الثلاث سنوات إذا كانت قوانين قوية مطبقة لديهم. وعلى كل حال فإن ما تحقق يشير إلى أن القوانين الأكثر صرامة قد تكون خطوة في الاتجاه الصحيح.

وقالت الدكتورة فيرجينيا ستولينجز، مديرة مركز التغذية في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا:

«هذا هو أول دليل حقيقي على أن القوانين من المحتمل أن يكون لها تأثير» على الرغم من أن الدكتورة ستولينجز لم تشارك مباشرة في هذه الدراسة، لكنها رأست لجنة في معهد الطب دعت إلى وضع معايير صحية للغذاء والمشروبات في المدارس.

وقد وافق الدكتور ديفيد لودفيغ، أخصائي السمنة في كلية الطب بجامعة هارفارد ومستشفى الأطفال في بوسطن على هذا الرأي متسائلاً: «ما هي سلبيات تحسين البيئة الغذائية للأطفال اليوم؟ لا يمكن أن يصير الوضع أسوأ مما هو عليه بالفعل.

وقد أفادت هيرالد تريبيون أنه في بداية الدراسة، كان ما يقرب من 39 في المئة من الطلاب في الولايات التي أصدرت قوانين قوية يعانون من زيادة الوزن لكن بوصول هؤلاء الطلاب الصف الثامن انخفض هذا العدد إلى 34 في المئة.

وانخفض عدد الطلاب في نفس تلك الولايات الذين يعانون من السمنة المفرطة من 21 في المئة في الصف الخامس إلى 18 في المئة بحلول الصف الثامن.

أما في الولايات التي لم تطبق أي نوع من القيود على الغذاء فقد كان نحو 37% من طلاب الصف الخامس يعانون من زيادة الوزن، إضافة إلى 21٪ يعانون من السمنة المفرطة، ولم تتغير هذه الأرقام بين الصف الخامس والثامن في تلك الولايات. وقد راعى معدو الدراسة عنصر العرق أو الموقع والجنس عند تحليل البيانات الخاصة بالطلاب طوال فترة الدراسة. ولم تنص الدراسة على أن القوانين كانت مسؤولة بشكل مباشر عن تحسن النتائج بين الطلاب الذين أجريت عليهم.

وأوضح الدكتور لودفيغ لصحيفة واشنطن بوست أن المشكلة في أن هناك عوامل كثيرة وكبيرة تتجمع للتأثير في وزن الجسم، وأن تفكيك تشابك هذه التأثيرات والنظر في آثارها مستقلة بعضها عن بعضها فقط هو التحدي الحقيقي.

ومع أن الدراسة أكدت أن النتائج كانت أفضل في الدول التي اعتمدت قوانين قوية فقد أشار الباحثون إلى أنهم لاحظوا العديد من المتغيرات الأخرى التي كان لها أثر في النتائج، وهو ما يدعو إلى النظر إلى أثر سن قوانين خاصة بالخيارات الغذائية في المدارس العامة في المستقبل.

تقييد الخيارات الغذائية

أفادت واشنطن بوست أن اعتماد القوانين التي تنظم الخيارات الغذائية في المدارس هو تطور جديد نسبيًا ظهر خلال العقد الماضي. ففي عام 2003، لم يكن لدى 27 ولاية من الولايات الداخلة في هذه الدراسة أي نوع من القوانين المتعلقة بأنواع الأطعمة والمشروبات التي سمح للمدارس المتوسطة ببيعها. لكن مع ازدياد المخاوف بشأن معدلات البدانة الآخذة في الارتفاع بدأ أكثر الولايات بسن قوانين على مدى السنوات القليلة المقبلة.

وتعليقًا على مشكلة السمنة الخطيرة ذكرت وكالة سي بي إس الإخبارية الأمريكية إحصاءات من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية تظهر أن ما يقرب من 20 في المئة من الطلاب في سن الابتدائية في جميع أنحاء البلاد يعانون السمنة. ومنذ عام 1980، تضاعف ثلاث مرات عدد الأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن في جميع أنحاء البلاد.

وقد حاولت حكومة الولايات المتحدة معالجة هذه القضية من عدد من الزوايا، فأدخلت في برامج الغداء والإفطار المدرسي أخيرًا تغييرات صحية شملت المزيد من الحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات.

ومع ذلك، يبدو أن هذه الدراسة تشير إلى أنه يمكن عمل المزيد للحفاظ على صحة الأطفال، على الأقل أثناء وجودهم في المدرسة بتشديد القوانين على ما يمكن أن يباع في المدارس العامة، ويبدو أن المسؤولين عن سن القوانين قادرون على اتخاذ خطوة أخرى نحو تحسين صحة الطلاب بشكل عام.

:

المصدر:

http://www.publicschoolreview.com/articles/469
__________________

» قوانين مدرسية لمكافحة سمنة الطلاب في الولايات المتحدة الأمريكية