تعود أم فيصل بالذاكرة إلى الوراء، وتحديداً إلى بداية عام 1400هـ. تقول: “التحقت بمعهد المعلمات الذي كان في مدينة جدة. وقتها كانت البلاد بحاجة كبيرة لتوطين وظائف التعليم. ولذلك تم افتتاح هذا المعهد الذي كان يُستبدل بمدرسة الثانوية ويتم تخريج دفعات من المعلّمات منه، وتعيينهن فوراً للالتحاق بالتدريس الحكومي. حالما تخرّجت في معهد معلمات الثانوي، عمّت الفرحة العائلة. أصبحت الفرحة فرحتين عندما أتاني خطاب التعيين إلى المنزل وذهبت إلى الرئاسة العامة كي أتوجه إلى المدرسة التي أريدها.
قررت أنني أريدُ العمل في المدرسة التي درستُ فيها. لكن للأسف، كانت تلك المدرسة ممتلئة. ولذلك، اخترت مدرسةً أخرى وباشرت العمل فيها. وما زالت أذكر كل التفاصيل المتعلقة بذلك.
كان الوضع مختلفاً عما هو عليه الآن بسبب عدم وجود مواطنات في الوظائف. كان هناك إقبال وفرحة من المواطنين إزاء تدريس سعودية بناتهم بعكس الوضع
السائد حالياً.
الضغط الأسري والاستقالة
تقول أم فيصل: “في عام 1407هـ، كنت قد أصبحت أماً لطفلين. في ذلك الوقت، كان عدد الأمهات العاملات قليلاً جداً. ومع زيادة الضغط بين العمل والمنزل، فكّرت في الاستقالة. وبالفعل تجرأت وقدمتها.
وأتت الموافقة على الاستقالة سريعاً ولم أصفِّ حقوقي الأخيرة. ولذلك كان في إمكاني العودة. وأصبحت ربة منزل وأنجبت ابني الثاني. لكنني شعرت بالملل الرهيب والروتين اليومي وافتقدت المادة بشكلٍ كبيرٍ. إذ اعتدت على المال في المنزل.
بدأت تدريجاً أفقد فرحتي بالراحة في المنزل. بدأ الروتين يقتلني وراودني هاجس قوي بضرورة العودة إلى العمل. كان وجودي مع ولديّ في المنزل يُغريني بالبقاء. لكن الروتين وعدم اعتيادي على افتقاد مخصصات مالية خاصة بي أرهقاني كثيراً.